مقالة خاصة: رواد الأعمال الصينيون يوسعون حضورهم في الشرق الأوسط
فوتشو 21 مايو 2025 (شينخوا) كانت الروائح الشهية تملأ جنبات مطعم للوجبات السريعة الصينية في العاصمة السعودية، الرياض، لتدغدغ أنوف حشد صاخب من الزبائن تزاحم أفراده لتلقف أطباق معكرونة بصلصة الفول السوداني مطهوة على البخار ومعجنات لذيذة محشوة بلحم البقر، بمجرد خروجها من المطبخ.
وقال تشو وي، وهو من أهل مقاطعة جيانغسو بشرقي الصين ويعيش في السعودية منذ 13 عاما: "تذوقت للتو المعكرونة، طعمها تماما كما في بلدي... العثور على طعام صيني أصيل في بلد أجنبي أمر يثلج الصدر".
وافتتح مطعم "شاشيان ديليكاسيس" الرئيسي في السعودية رسميا في 11 مايو الجاري داخل مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، ليكون أول فرع بنظام الامتياز التجاري لهذه العلامة التجارية الصينية في منطقة الشرق الأوسط.
ولطالما حظيت مطاعم "شاشيان ديليكاسيس"، التي شهدت نشأتها في حي شاشيان بمدينة سانمينغ في مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي الصين، بشعبية واسعة في البلاد بفضل أطباقها عالية الجودة وأسعارها الميسورة.
ولمراعاة العادات الغذائية المحلية، قام المطعم في الرياض باختيار قائمته بعناية لتقتصر على الأطباق التي تتضمن لحم البقر والضأن والدجاج. وفي يوم افتتاحه، حقق المطعم مبيعات بلغت نحو 7000 دولار أمريكي، مع نفاد عدد من الأطباق الشهيرة.
وقال تشانغ شي تشاو، مالك المطعم: "(مطعم) شاشيان ديليكاسيس يتميز بالخدمة السريعة وتنوع أطباقه فضلا عن أسعاره المعقولة، مما يجعله خيارا مثاليا للعمال المقيمين هنا"، مضيفا أنه "خلال فترة التشغيل التجريبي للمطعم، لاحظنا أن العديد من الزبائن المحليين أحبوا مذاق أطباقنا".
ويطمح تشانغ، بصفته رائد أعمال انحدر من حي شاشيان، إلى توسيع انتشار هذه العلامة التجارية في السعودية، حيث يخطط لافتتاح حوالي 20 فرعا في مدن كبرى مثل جدة والدمام، من خلال فروع مملوكة للشركة وأخرى بنظام الامتياز التجاري.
وفي بادئ الأمر، جاء تشانغ إلى السعودية لاستكشاف فرص في قطاع البنية التحتية، لكنه سرعان ما أدرك أن ثمة فجوة في السوق المحلي تتمثل في الافتقار إلى وجبات سريعة صينية تتميز بالمذاق الأصيل والأسعار المعقولة.
ومع نجاح الزخم الراهن لمبادرة "الحزام والطريق"، في استقطاب أعداد متزايدة من الصينيين والشركات الصينية إلى المنطقة، وجد تشانغ فرصة استثنائية لجلب نكهات مسقط رأسه إلى السعودية.
وتعد قصة تشانغ جزءا من موجة أوسع من مشاريع ريادة الأعمال الصينية في الشرق الأوسط، التي تغذيها العلاقات المتعمقة بين الصين وتلك المنطقة في مجالات التجارة والبنية التحتية والصناعات الناشئة.
وبوصفها منفذا رئيسيا على طريق الحرير البحري، اضطلعت مقاطعة فوجيان بدور فاعل في تعزيز هذه الشراكة المتنامية.
وفي السنوات الأخيرة، توسعت الروابط الاقتصادية بين فوجيان والشرق الأوسط من القطاعات التقليدية مثل الأحذية والملابس إلى مجالات ناشئة مثل الطاقة الجديدة والخدمات الرقمية. وقد أدى هذا التحول إلى زيادة الاستثمار في الشرق الأوسط، مما فتح آفاقا جديدة للتعاون المتبادل النفع.
وذكر تشن ده وي، نائب المدير العام لشركة فوجيان جينقونغ المحدودة للآلات، أن الشرق الأوسط أصبح سوقا جديدا مهما لشركات البناء الصينية.
وكجزء من الجهود المبذولة للاستفادة من هذا السوق المتنامي، قام تشن بأكثر من 10 رحلات بين فوجيان والسعودية العام الماضي. وتسعى شركته، المتخصصة في إنتاج معدات البناء الكبيرة مثل الجرافات والرافعات الشوكية والحفارات، بنشاط لاستكشاف فرص محلية للتعاون في مجال البنية التحتية.
ولا يعد البناء والتشييد هو القطاع الوحيد للبنية التحتية الذي يزداد الطلب عليه. ففي قطاع النقل، قامت شركة تشيري & واندا قويتشو المحدودة للحافلات، ومقرها مقاطعة قويتشو بجنوب غربي الصين، مؤخرا بشحن أكثر من 80 حافلة كبيرة إلى السعودية.
وقال هو شيانغ تشنغ، المدير العام للشركة "هذا هو أول تصدير واسع النطاق لنا من المركبات إلى الشرق الأوسط، بقيمة إجمالية تبلغ 80 مليون يوان (حوالي 11.12 مليون دولار أمريكي)"، مضيفا: "تم تطوير هذه الحافلات عالية المستوى خصيصا للسعودية والدول المجاورة".
وبالإضافة إلى القطاعات التقليدية، تقوم الشركات الصينية ذات الصلة بالمجالات الناشئة أيضا بتوسيع وجودها بثبات في الشرق الأوسط.
وبدعم من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي طورتها الصين بشكل مستقل، بدأت مؤخرا أول عيادة ذكاء اصطناعي في العالم عملياتها التشغيلية التجريبية في السعودية. ومع رعاية كاملة العملية للمرضى بمساعدة الذكاء الاصطناعي أو بقيادته، تقدم العيادة خدمات التشخيص والعلاج للأمراض الشائعة للسكان المحليين.
ويمثل إطلاق هذه العيادة في الخارج خطوة كبيرة في جهود الصين لتعزيز الرعاية الصحية الأولية في الدول الشريكة في مبادرة "الحزام والطريق" من خلال الابتكار الطبي المتقدم.
وأظهرت البيانات الرسمية أن التجارة بين الصين والدول العربية قد ازدادت من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى أكثر من 400 مليار دولار أمريكي في عام 2024، مع احتفاظ الصين بمكانتها كأكبر شريك تجاري للعالم العربي لعدة سنوات متتالية.
وقال فو تشنغ قانغ، الممثل الرئيسي السابق للصين في سوق أبوظبي العالمي: "الكثير من دول الشرق الأوسط تسعى إلى التنويع الاقتصادي، بينما تتمتع الصين بنقاط قوة في مجالات مثل التصنيع المتقدم واتصالات الجيل الخامس والطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية. وهذا يجعل الجانبين شريكين طبيعيين للتعاون".