(وسائط متعددة) تحليل إخباري: بعد عام من حرب إسرائيلية مدمرة لا آفاق لحلول سياسية في المستقبل القريب في قطاع غزة
غزة 6 أكتوبر 2024 (شينخوا) بعد عام من حرب إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة، تغيب أي آفاق لحلول سياسية في المستقبل القريب مع استمرار الهجمات واتساع رقعتها مع لبنان وحالة التوتر مع ايران.
وقال محللون فلسطينيون إن إسرائيل غير معنية بإنهاء الحرب في غزة قريبا وتسعى لخلق واقع جديد يضمن لها عدم تكرار الهجوم الفلسطيني المسلح الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر عام 2023، حيث قتل 1200 شخص واحتجزوا 250 آخرين بحسب إحصائيات إسرائيلية.
وأثخن الجيش الإسرائيلي في ردة فعله على الهجوم وشن حربا غير مسبوقة على القطاع الذي يعتبر أكثر مناطق العالم ازدحاما بالسكان، حيث قتل أكثر من 41870 فلسطينيا وأصابة أكثر من 97166 آخرين غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة.
-- أطول حروب إسرائيل
وتعتبر الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا على قطاع غزة والتي أطلقت عليها اسم "السيوف الحديدية" ردا على "طوفان الأقصى" الاسم الذي أطلقته حماس على هجومها، هي الأطول في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي منذ نشأة الأخيرة في عام 1948، رغم الدعوات الدولية والعربية لوضع حد لها وضرورة التوصل لوقف إطلاق نار.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي في مدينة رام الله داوود التلحمي، استمرار الحرب لعام كامل وبهذه الشدة والبطش والقتل يعني إن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان خلق واقع جديد في قطاع غزة.
وتابع لا يمكن أن تتحمل إسرائيل التكلفة المادية والبشرية في مثل هذه الحرب لولا أنها تمتلك خطة استرايتيجية مدعومة من أمريكا .
ومن جانبه، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي من قطاع غزة حسام الدجني بأن إسرائيل تحاول من خلال إطالة أمد الحرب "أن تستعيد قوة الردع التي أصابتها الفصائل الفلسطينية المسلحة في الصميم والتي زعزعت ثقة المجتمع الإسرائيلي بحكومته".
وأضاف الدجني لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في الواقع، نتنياهو يريد ضمان موقعه السياسي في إسرائيل مهما كلفه ذلك من ثمن وهو ما دفعه للمراوغة في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة".
ويضيف الدجني "أن نتنياهو أيضا من مصلحته انتظار انتهاء الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل ومعرفة من الفائز فيها، فإن فاز الجمهوريون الداعمون الرئيسيون له فسيحظى بفرصته الذهبية لفرض واقع جديد في غزة، وفي حال فاز الديمقراطيون الذين يتعرضون لضغوط شعبية لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار فإنه قد يقبل بهدنة مؤقتة في غزة لكسب مزيد من الوقت".
--اتساع المواجهة
وأعلنت إسرائيل في منتصف سبتمبر الماضي توسيع أهداف الحرب وفتح جبهة مواجهة واسعة النطاق مع حزب الله في لبنان المساند الأساسي لحركة حماس في غزة منذ الثامن من أكتوبر 2023 بذريعة العمل بقوة ضد لبنان للسماح لسكان الشمال الإسرائيليين بالعودة إلى منازلهم.
ويرى الكاتب والخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف العجرمي من رام الله أن تصعيد نتنياهو مع حزب الله في جنوب لبنان يهدف إلى الهرب من استحقاقات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ويرى العجرمي أن دخول حزب الله الحرب إلى جانب فصائل غزة كان مفيداً من الناحية المعنوية، ولكنه في الواقع لم يغير في شدة أو وتيرة الحرب في غزة واستمر الجيش الإسرائيلي في تدمير القطاع بصورة هائلة وغير مسبوقة وتهجير سكانه من مكان لمكان وقتل أعداد كبيرة من المواطنين الأبرياء ومقاتلي الفصائل والقادة، بهدف تغيير الواقع فيه بصورة جذرية لإسكات تلك الجبهة لفترة طويلة قادمة.
وقال إن الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية شجع إسرائيل في إطالة وتوسيع الحرب بعد مدها بجسر جوي من السلاح والعتاد بصورة غير مسبوقة، مشيرا إلى أن إسرائيل فتحت شهيتها للحرب وللذهاب لأبعد من ذلك نحو تحقيق أهداف كانت بمثابة أحلام بعيدة المنال لها.
واعتبر أن ما حصل في الحرب التي تحدث في غزة وانتقالها إلى لبنان وإيران سيزيد من فرص التوتر في المنطقة وقد تصل الأمور إلى مرحلة سيكون من الصعب السيطرة عليها.
-- لا آفاق لحلول سياسية في غزة قريبا
وفشلت جميع الجهود التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة في التوصل لوقف إطلاق نار بين حماس وإسرائيل تفضي لعملية تبادل أسرى بين الطرفين ووقف الحرب.
ويقول أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية لوكالة ((شينخوا)) إن نتنياهو يريد خلق واقع جديد للصراع في قطاع غزة وتخفيف الضغط الدولي عن نفسه من خلال جعل الوضع في قطاع غزة غير واضح المعالم عبر تخفيف الهجمات العسكرية تارة وتكثيفها تارة أخرى.
ويضيف يوسف "أعتقد أن المعركة في غزة ستستمر على الأقل حتى نهاية فترة نتنياهو ، وهذا يعتمد على الإدارة الأمريكية القادمة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية وبالتالي نحن في حالة مأزومة تصعيدية يكون من المستحيل التوصل إلى اتفاق سياسي أو حتى وجود أي آفاق لحلول سياسية في المستقبل القريب".
أما غسان الخطيب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بير زيت برام الله فيرى أن عمليات إسرائيل في القطاع يدلل أنها ذاهبة إلى إعادة احتلال القطاع.
وقال الخطيب إن واقع القطاع سيكون تحت احتلال اسرائيلي عسكري في المدى المنظور لسنوات قادمة مما يعني بأن السكان سيواجهون سنوات "عجاف" في ظل انعدام مقومات الحياة الإنسانية والسياسية لهم.
وأضاف ن إسرائيل ستبحث عن جهات تقدم خدمات إدارية في ظل السيطرة العسكرية ولن تجد أحد فستجد نفسها مضطرة لتحمل مسؤولية وأعباء إدارة القطاع.
-- ضوء آخر النفق
وعلى الرغم من الصورة القاتمة للواقع الميداني إلا أن الكاتبة سنية الحسيني من رام الله ترى أنه رغم فداحة الألم وغموض المستقبل إلا ان الأمور من جهة أخرى قد تضفي بعض الأمل.
وقالت سنية الحسيني لـ ((شينخوا)) إن القضية الفلسطينية حققت مكاسب سياسية وقانونية مهمة على صعيد دولي لم تجن مثلها من قبل، حيث عادت لصدارة أحداث العالم، فارضة نفسها في المحافل الدولية وشوارع أهم العواصم العالمية.
وتابعت أن إسرائيل وحكومتها كشفت صراحة عن وجهها الحقيقي الذي يصعب تجاهله اليوم، مما يفرض على الفلسطينيين مواجهة التحديات التي تمر بهم وبقضيتهم.
وتابعت أنه ليس من الضرورة أن تنجح إسرائيل بمخططاتها تجاه الفلسطينيين، إذ يتعين عليهم تبني استراتيجية ميدانية حكيمة تقوم على الصمود ومواجهة أي تداخلات نحو أهدافهم في الحرية والاستقلال.
وأضافت قد تكون هذه الأيام الأصعب في عمر القضية الفلسطينية، وهي تحتاج منهم إعادة النظر في وحدتهم وإنهاء الانقسام الداخلي وترتيب أولوياتهم، وتعزيز علاقاتهم الإقليمية والدولية.■