رأي ضيف: الخطة الخمسية الـ15 نحو تحقيق التحديث الاشتراكي للصين

رأي ضيف: الخطة الخمسية الـ15 نحو تحقيق التحديث الاشتراكي للصين

2025-10-21 11:49:00|xhnews

بقلم ألبيرتو ليبرون

تعقد الصين هذا الأسبوع اجتماعا بالغ الأهمية، ليس فقط بالنسبة للدولة الآسيوية، بل أيضا للعالم بأسره.

الحدث محل الاهتمام هو الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، التي تعقد في بكين من 20 إلى 23 أكتوبر. وخلال هذه الجلسة، ستستعرض اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مقترحات صياغة الخطة الخمسية الـ15 (2026-2030) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية للبلاد.

وتكتسب هذه الخطة الخمسية الجديدة أهمية كبيرة، إذ ستحدد المبادئ التوجيهية لمسار التقدم الاقتصادي والاجتماعي للصين خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي الواقع، تشترك الخطط الخمسية الـ14 والـ15 والـ16 في هدف إستراتيجي مشترك يتمثل في تحقيق التحديث الاشتراكي الأساسي للصين بحلول عام 2035. ويشمل ذلك، من بين أهداف أخرى، رفع نصيب الفرد من الدخل إلى مستوى الدول المتقدمة بشكل متوسط عبر توسيع الصناعات الناشئة، والتحول الرقمي، وتسريع وتيرة التحضر، وتحديث الزراعة. وعلى الصعيد البيئي، فقد تعهدت الصين أيضا أمام الأمم المتحدة ببلوغ ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة لديها بحلول عام 2030، وهو ما يتزامن مع ختام الخطة الخمسية الـ15.

وهذه الأهداف الطموحة باتت في المتناول بفضل التنفيذ الناجح للخطة الخمسية الـ14 (2021-2025). وحافظت عملية التحديث في البلاد على زخم مستقر، ويرجع ذلك جزئيا إلى الاستثمار القوي في البحث والتطوير، والذي بلغ حوالي 510 مليارات دولار أمريكي في عام 2024. ويمثل الاقتصاد الرقمي الآن حوالي 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، بينما من المتوقع أن تساهم الصناعات الجديدة، بدءا من التصنيع المتقدم وصولا إلى المواد الجديدة، بنسبة 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. بالإضافة إلى ذلك، خفضت الصين استهلاكها للطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11.6 في المائة في عام 2024 مقارنة بفترة الخطة الخمسية الـ13 (2016-2020) .

وتنتقل الصين من مرحلة من التنمية الصناعية اتسمت بالاستثمار الكثيف والصادرات منخفضة القيمة المضافة والضغوط البيئية، إلى نموذج أكثر تقدما لاقتصاد متطور.

ويستمر الاستثمار بالتدفق إلى القطاعات التكنولوجية عالية القيمة المضافة، إذ شكل 34.6 بالمائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2024. وبحسب بيانات الإدارة العامة للجمارك، تجاوزت صادرات الصين من المركبات الكهربائية مليوني وحدة للمرة الأولى في عام 2024، وهو تقدم سريع آخر على مسار الارتقاء في سلاسل القيمة المضافة العالية.

قبل سنوات، كان مفهوم "صُنع في الصين" يشير إلى نظام إنتاج لتصدير السلع منخفضة القيمة المضافة، والذي من خلاله تمكنت الشركات الغربية من تقليل تكاليف العمالة دون اكتراث كبير بالاعتبارات البيئية. أما اليوم، فلا تزال العديد من السلع تُنتج في الصين، ولكن مع إضافة شعار هو "ابُتكر في الصين". وهذا التحول لا يزيد فقط من قيمة الإنتاج، بل يقدم أيضا مساهمة ملموسة في الرفاه الاجتماعي من خلال خلق وظائف أكثر تخصصا وتوفير حوافز خضراء تضمن الاستدامة البيئية للنموذج الجديد.

نموذج جديد بعنوان "ابُتكر في الصين" يسعى إلى تقديم إسهامات علمية وثقافية جديدة للعالم، بدءا من استكشاف القطب الجنوبي للقمر وصولا إلى تطوير طاقة الاندماج والذكاء الاصطناعي المتاح لجميع المستخدمين (ديب سيك) وألعاب الفيديو فائقة الواقعية (بلاك ميث: ووكونغ) والألعاب الشعبية (لابوبو) والروبوتات المستقبلية (يونيتري) والأفلام الضخمة (نه تشا 2).

لذلك، لن تكون الخطة الخمسية الـ15 مجرد قائمة بالأهداف الاقتصادية التي يجب تحقيقها بحلول عام 2030. فالوصول إلى مكانة الدولة المتقدمة سيتطلب أيضا تعزيز ثقافة نابضة بالحياة ومنظومة تعليمية من الطراز العالمي وقوة عاملة عالية المهارة وتميزا رياضيا ومعايير رفيعة في الصحة العامة، من بين مجالات رئيسية أخرى. وبالتالي، تمثل الخطة الخمسية المقبلة ليس فقط خارطة طريق للسنوات الخمس القادمة، بل أيضا خطوة حاسمة نحو تحقيق التحديث الاشتراكي للصين بحلول عام 2035.

ومن المعروف جيدا أن الصين ظلت دائما متمسكة بالانفتاح والتعاون الدولي والتعددية. وفي هذا الإطار، ستسهم الخطة الخمسية الـ15 أيضا بخبرة الصين في التحديث لدفع الاستقرار العالمي والنمو الاقتصادي، والابتكار التكنولوجي على النطاق العالمي، والتحول الأخضر ومنخفض الكربون حول العالم، ومواءمة إستراتيجيات التنمية الدولية، وتعزيز مرونة سلاسل الصناعة العالمية من خلال تفاعل الصين مع العالم.

 

ملاحظة المحرر: ألبيرتو ليبرون حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي من جامعة بكين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا)).

الصور