مقالة خاصة: الصين في "جيتكس جلوبال 2025"... الذكاء يصافح المستقبل من قلب دبي
دبي 14 أكتوبر 2025 (شينخوا) في فعاليات معرض ومؤتمر "جيتكس جلوبال 2025" التي تحتضنها دبي هذا الأسبوع، تبدو المشاركة الصينية لافتة كأحد أبرز مظاهر الحضور الدولي في المعرض، حيث تصافح التكنولوجيا الصينية المستقبل بوجهٍ مفعم بالابتكار والذكاء الاصطناعي، وسط اهتمامٍ متزايد من المستثمرين والزوار من مختلف أنحاء العالم.
وتشارك مئات الشركات الصينية هذا العام في واحد من أكبر معارض التكنولوجيا في العالم، ممثلة طيفا واسعا من قطاعات الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، المدن الذكية، الأمن السيبراني، والطاقة الخضراء.
ومن بين أبرز المشاركين شركة "هواوي" العملاقة، و"تشاينا موبايل إنترناشونال"، إلى جانب شركات ناشئة تقدم حلولا مبتكرة في مجالات الاستشعار الذكي وتحليل البيانات والصحة الرقمية.
وبحسب مشاهدات مراسل وكالة أنباء ((شينخوا))، يبدو الجناح الصيني هذا العام أشبه بورشة عمل مستقبلية، تتداخل فيها الشاشات التفاعلية مع روبوتات ذكية ومنصات برمجية قادرة على التعلم والتطوير الذاتي.
الزوار يتنقلون بين الأجنحة التي تجمع بين الدقة التقنية والجاذبية البصرية، فيما تتناثر العروض التوضيحية لأجهزة الجيل الخامس، وتطبيقات المدن الذكية، وأنظمة الطاقة المستدامة، في مشهد يعبر عن التقاء الشرق والغرب، عند خط توازن جديد تقوده التكنولوجيا.
وقال لي تشاو، مدير تطوير الأعمال في شركة ((تشاينا موبايل إنترناشونال)) لـ ((شينخوا))، إن حضور الشركة في "جيتكس جلوبال" يتجاوز فكرة العرض التجاري إلى بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد في المنطقة.
وأضاف أن "الشرق الأوسط أصبح محوراً رئيسياً في خارطة التحول الرقمي العالمية، ونحن نسعى إلى أن نكون شركاء في هذا التحول من خلال البنية التحتية الذكية والخدمات السحابية المتقدمة".
من جانبها، أوضحت لينغ يو، مؤسسة شركة صينية ناشئة متخصصة في الذكاء الاصطناعي الصحي، أن الشركة تعمل على تطوير تطبيقات قادرة على تحليل المؤشرات الحيوية للمستخدمين من خلال أجهزة ذكية ترتدى على المعصم.
وأكدت أن السوق في المنطقة "واعد للغاية"، وأن التعاون مع المؤسسات الصحية المحلية سيكون "الخطوة التالية" في توطين هذه التقنية.
ولم تقتصر أصداء المشاركة الصينية على أجنحة العرض فحسب، بل امتدت إلى زوار المعرض، الذين أبدوا إعجابهم بقدرات الشركات الصينية وسرعة تطورها.
وقال المهندس الإماراتي أحمد الكعبي، الذي زار الجناح الصيني، إن العروض "تعبر عن جيلٍ جديد من تكنولوجيا متكاملة وواقعية في آن واحد".
وأشار إلى أن "الابتكار الصيني لم يعد تقليداً للغرب، بل أصبح منافساً يقدم حلولا عملية قابلة للتطبيق في بيئتنا المحلية".
أما المستثمر الأردني سامر زريق، أكد لـ ((شينخوا)) أن الشركات الصينية "تأتي برؤية واضحة نحو الشراكة والاستثمار المشترك"، موضحاً أن ما يميزها "هو الدمج بين الجودة والسعر، وبين المرونة التقنية والقدرة على التكيف مع متطلبات السوق المحلي".
وأضاف أن "الاهتمام المتزايد بهذه الأجنحة يعكس ثقة متنامية في الصناعة الصينية، خصوصاً في مجالات الحوسبة السحابية والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء".
وفي أحد الممرات المزدحمة، يتوقف "جانغ وي"، الباحث في مجال المدن الذكية، أمام شاشة تفاعلية تُحاكي منظومة مراقبة حركة المرور باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ويقول مبتسماً: "نحن لا نبيع أجهزة فحسب، بل نعرض رؤية جديدة لإدارة الحياة الحضرية، هدفنا أن تصبح التكنولوجيا أداة للتوازن بين النمو والاستدامة".
ويرى مراقبون أن الحضور الصيني في "جيتكس جلوبال 2025" يعكس انتقال الصين من دور "المصنع العالمي" إلى موقع "الشريك التقني العالمي"، إذ لا تكتفي شركاتها بتسويق المنتجات، بل تسعى لبناء منظومات ابتكار وتدريب محلية، وتوقيع اتفاقيات تعاون مع جهات حكومية وخاصة في المنطقة.
كما أن تعدد القطاعات التي تغطيها الشركات الصينية يؤكد توجهها إلى تقديم حلول شاملة، تمتد من البنية التحتية الرقمية إلى الخدمات الذكية في مجالات الطاقة والتعليم والرعاية الصحية.
ويشير الخبراء إلى أن مشاركة الصين في المعرض تحمل بعدا استراتيجيا يتجاوز السوق التجاري، فهي تمثل جسرا متقدما بين آسيا والشرق الأوسط، وتعزز من فرص التبادل المعرفي والتقني في مرحلة يشهد فيها العالم سباقاً محموماً نحو الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
وبينما تتواصل فعاليات جيتكس جلوبال 2025" على مدار أيامه، يظل الجناح الصيني من أكثر الأجنحة جذباً للزوار والإعلاميين، بما يعكس حجم الطموح والجهد الذي تبذله الصين لترسيخ حضورها في خارطة الابتكار العالمي.
وكما قال أحد الزوار لـ ((شينخوا)) وهو يغادر الجناح: "ربما لا نعرف كيف سيكون شكل المستقبل بعد عشر سنوات، لكننا نعرف من سيشارك في صنعه".
ويناقش المؤتمر المصاحب للمعرض التحولات العالمية نحو الذكاء الاصطناعي الشامل وتكامل البيانات والحوسبة والحوكمة الرقمية، حيث يشهد أوسع جلسات متخصصة في الذكاء الاصطناعي بتاريخ الحدث، بمشاركة نخبة من قادة الصناعة العالمية.
ومن بين المشاركين البارزين سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة ((أوبن إيه آي))، وبينغ شياو، الرئيس التنفيذي لمجموعة ((جي 42))، في جلسة رئيسية بعنوان "من التبني المبكر إلى المجتمعات الأصلية في الذكاء الاصطناعي: تصور العصر الجديد للذكاء".
ويستمر المعرض الذي انطلقت فعالياته أمس الإثنين حتى 17 أكتوبر الجاري، متضمناً أكثر من 200 جلسة نقاشية وعروضاً تفاعلية، تستعرض أحدث حلول الجيل القادم من التقنيات المتقدمة.