مقالة خاصة: المعلمون الصينيون يحتفلون بيوم المعلم في السعودية
بقلم مراسل وكالة أنباء ((شينخوا))، وانغ هايتشو
الرياض 10 سبتمبر 2025 (شينخوا) "هل تعرف كونفوشيوس؟" في صباح العاشر من سبتمبر، داخل قاعة دراسية بمعهد كونفوشيوس بجامعة الأمير سلطان بالرياض، استهلت المعلمة الصينية المتطوعة تشانغ يانفانغ درسها بهذا السؤال، وما تلا ذلك لم يكن مجرد جلسة ثقافية حيوية مخصصة ليوم المعلم الصيني فحسب، بل كان أيضا لحظة تناغم ثقافي، ومناسبة لتكريم المعلمين المعززين للترابط بين الحضارتين الصينية والسعودية.
وبدأت الحصة الدراسية الخاصة، بمقدمة عن أصول يوم المعلم، حيث شرحت تشانغ، من جامعة مينزو الصينية والتي انضمت مؤخرا إلى معهد كونفوشيوس كمتطوعة- فلسفة كونفوشيوس التعليمية المتمثلة في "التعليم دون تمييز" و"التعليم حسب الكفاءة"، والتي كسرت احتكار التعليم الأرستقراطي في الصين القديمة.
كما ربطت هذا التقليد باسم معهد كونفوشيوس، وعند الحديث عن العادات المرتبطة بهذه المناسبة - من"شو شيو"(رمز الاحترام) إلى بطاقات المعايدة الحديثة - رد المتدربون السعوديون في الخدمة المدنية على ذلك بمشاركة قصص عن تقاليدهم الثقافية في احترام المعلمين.
وعند سؤالهم عن أبرز المعلمين في العالم العربي، أجمع الطلاب على اختيار "الخوارزمي"، العالم الجليل المعروف بإسهاماته في الجبر والرياضيات والفلك والجغرافيا، حتى أنهم عرضوا فيديو يعرف بإرثه.
وعن الخوارزمي قالت تشانغ: "كان مثالا بارزا للحكمة العربية، تماما مثل كونفوشيوس، منارة الحضارة الإنسانية"، وأشارت إلى أن الجلسة تحولت من تعريف ثقافي أحادي الجانب إلى تكريم وإعجاب متبادل.
عبر الطلاب أيضا عن امتنانهم بطرق مؤثرة، حيث كتب بعضهم بعناية (عيد معلم سعيد) و (شكرا لك يا معلم" بالأحرف الصينية، وكتب آخرون عبارات تهنئة باللغة العربية مثل (شكرا لك) و"أتمنى لك دوام الصحة والعافية والسعادة)، ليخلق مزيج اللغات الصينية والعربية والإنجليزية جوا من الود، مما أسعد المعلمين الصينيين، وقد قالت تشانغ: "إن صدقهم ذكرنا مجددا بالقيمة والمعنى الحقيقي لعملنا".
وبجانب الجامعات، تلقى المعلمون الصينيون العاملون في المدارس الثانوية السعودية تهاني حارة، فمنذ عام 2024، أدرجت وزارة التعليم السعودية اللغة الصينية ضمن مناهج المرحلة الإعدادية، ففي مدرسة معمر بن راشد المتوسطة شرق الرياض، يتذكر المعلم الصيني وانغ جونباو، وهو الآن في سنته الثانية بالمدرسة: "خلال العام الماضي، شهدت تطورًا ملحوظًا في مهارات الطلاب، واليوم، هنأوني بيوم المعلم، وهو أمر مؤثر حقا، آمل أن أواصل التدريس هنا حتى أشهد تخريج دفعة كاملة على الأقل".
أشار وانغ إلى أن معظم المدارس كانت تضم سابقا معلما صينيا واحدا فقط، مما جعل المهمة صعبة نظرا للاختلافات الثقافية واللغوية.
وأضاف: "لكن تفاني الطلاب ودعم المدارس خفف الضغط بسرعة"، "في سبتمبر، تم تعيين 185 معلما صينيا إضافيا على مستوى المملكة، مما يظهر اهتمام السعودية المتزايد بتعليم اللغة الصينية، كما يزور المشرفون التربويون الفصول الدراسية بانتظام لتقديم التوجيه، مما يساعدنا على تحسين جودة التدريس بشكل أكبر".
احتفل الطلاب الجدد هذا العام بأول يوم للمعلمين في فصولهم الدراسية بالسعودية، حيث قالت ما شياو شيا، التي تطوعت في معهد كونفوشيوس العام الماضي وتدرس الآن في مدرسة إعدادية بمنطقة مكة المكرمة: "يتميز نموذج التدريس في معهد كونفوشيوس بالنضج والغنى بالموارد، بينما لا يزال تدريس اللغة الصينية في المدارس الإعدادية السعودية في مراحله الأولى، ويتطلب منا ذلك ابتكار مناهج دراسية وإعداد مواد تعليمية مصممة خصيصا لتلبية احتياجات الطلاب، وإن البدء من الصفر أمر صعب، لكن شغف طلابي يجعله جديرا بالاهتمام".
في تبوك، انضمت المعلمة المخضرمة جي يانرو، بخبرة ثماني سنوات، إلى 181 معلما صينيا آخرين في برنامج تدريبي بالرياض قبل توزيعهم على مدارس في أنحاء المملكة، وقالت: "وفر الجانب السعودي الإقامة والنقل والتدريب على اللغة العربية، بالإضافة إلى توفير كادر محلي يجيد اللغة الصينية لمساعدتنا على التأقلم سريعا".
وتأمل جي، وهي طالبة دكتوراة، أن تترجم تجربتها التدريسية في المملكة إلى نتائج بحثية تسهم في تعليم اللغة الصينية في المنطقة.
وأضافت: "في وقت مبكر من صباح اليوم، تلقيت العديد من الرسائل من طلاب سابقين يتمنون لي عيدا سعيدا للمعلم، تكمن سعادة المعلم في ترك بصمات صغيرة لكنها دائمة في حياة الطلاب".
في أبها، المدينة المشهورة بمناخها المعتدل ومناظرها الطبيعية الخلابة، وصفت المعلمة يانغ ليو تشينغ تجربتها بأنها "رحلة متبادلة بين التدريس والنمو الشخصي"، وقالت: "إن الإقامة في السعودية لا تقتصر على التدريس فحسب، بل تشمل أيضا التبادل الثقافي، آمل أن يكون التعليم جسرا للتواصل بين الصين والمملكة، وأن تساهم جهودنا في تعميق التفاهم المتبادل والصداقة الدائمة".
وقالت تشانغ شينينغ، المديرة الصينية لمعهد كونفوشيوس بجامعة الأمير سلطان، إن "احترام المعلمين وتقدير التعليم"، تقليد مشترك في كلا الثقافتين.
وأضافت: "معهد كونفوشيوس لا يقتصر على تعليم اللغات فحسب، بل يهدف أيضا إلى بناء جسر من التفاهم والاحترام والتقدير المتبادل".
منذ عام 2021، دأبت السعودية على توسيع نطاق تعليم اللغة الصينية في المدارس الثانوية، بهدف تنشئة جيل جديد يتمتع بمهارات التواصل بين الثقافات وقدرة تنافسية أكبر في العلوم والتجارة والتبادل العالمي.
وقد أصبح النطاق المتزايد لتعليم اللغة الصينية، إلى جانب توسع القوى العاملة من المعلمين، جزءا لا يتجزأ من العام الثقافي الصيني السعودي والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وفي سياق العام الثقافي الصيني السعودي، من المقرر أن يمتد هذا التكريم الحار للمعلمين من مختلف الثقافات، إلى ما هو أبعد من الفصول الدراسية ليشمل المجتمع، مما يزرع بذور الثقة المتبادلة والتعاون في التعليم والثقافة والحوكمة بين البلدين.