(وسائط متعددة) (أهم الموضوعات الدولية) مقالة خاصة: دول الشرق الأوسط تعزز مكانتها كقوة ناشئة في الاقتصاد الرقمي العالمي
أشخاص ينظرون من برج خليفة في دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة، في 31 أغسطس 2024. (شينخوا)
بكين 13 يوليو 2025 (شينخوا) في الإمارات العربية المتحدة، تتيح منصة الدفع الفوري "عاني" (Aani) للمواطنين سداد فواتيرهم بمجرد مسح رمز الاستجابة السريعة (QR) ضوئيا، كما تسهم في تحويل 100 ألف تاجر صغير إلى منظومة التحصيل الرقمي. هذه التجربة ليست سوى نموذج مصغر لوتيرة التحول الرقمي المتسارعة في الشرق الأوسط، والذي تتبنى دوله التغيير بفعالية في ظل موجة الرقمنة العالمية، لتبرز كقوة ناشئة في المشهد الاقتصادي العالمي. وتعيد المبادرات الرقمية المتلاحقة رسم الملامح الاقتصادية للمنطقة، بالتوازي مع إيجاد فرص جديدة للتعاون الاقتصادي على المستوى الدولي.
وبقيادة إستراتيجيات وطنية طموحة، يسعى الشرق الأوسط إلى تحويل التكنولوجيا الرقمية لمحرك رئيسي للنمو. فقد أطلقت الإمارات شبكة الجيل الخامس المتقدمة (5G-A) تجاريا على مستوى الدولة وفعّلت نظاما إلكترونيا لاسترداد ضريبة القيمة المضافة على المشتريات السياحية. وفي حين اعتمدت جمارك دبي تقنيات تتبع الشحنات بواسطة الأقمار الصناعية، أطلقت رأس الخيمة نظام البوابة الذكية الذي يدمج خدمات النقل العام ما عزز جاذبيتها الرقمية. وسجّلت دبي في عام 2024 نموا لافتا بنسبة 120 بالمائة في عدد الشركات الناشئة المتخصصة بالرقمنة والتكنولوجيا مع تأسيس أكثر من 1200 شركة جديدة في هذا المجال.
وفي الخطط التنموية الوطنية مثل "رؤية السعودية 2030" و"إستراتيجية مصر الرقمية"، يأتي الاقتصاد الرقمي كأولوية رئيسية. ووقعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الرقمي مذكرة تفاهم لدفع عجلة النمو الرقمي الشامل والمستدام. ونفّذت البحرين سياسة "السحابة أولا"، مما جعل بنيتها التحتية الرقمية بين أفضل ثلاثة مراكز في الدول العربية، ومنحت تونس تراخيص الجيل الخامس التجارية وأطلقت منصة رقمية لإدارة الأدوية والمنتجات الصحية من أجل تعزيز كفاءة الخدمات الصحية رقميا.
وتبذل دول الشرق الأوسط الكثير من الجهود الخاصة بمسار تنمية الذكاء الاصطناعي، حيث أعلنت السعودية عن إطلاق "مشروع ترانسندنس" للذكاء الاصطناعي باستثمار قيمته 100 مليار دولار، ومن المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بنسبة 12% في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، مع خطط لتأهيل 20 ألف خبير في هذا المجال. كما استضافت المملكة القمة العالمية للذكاء الاصطناعي أكثر من مرة. وأنشأت الإمارات أول جامعة متخصصة في الذكاء الاصطناعي عالميا، وتسعى حكومة أبوظبي لأن تكون أول حكومة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي بحلول 2027، في وقت تتوقع فيه شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" أن يسهم هذا القطاع بنسبة 13.6% من الناتج المحلي الإماراتي في عام 2030. وعلى المستوى التشريعي، أقرّت دول عربية مثل قطر والسعودية لوائح لحماية البيانات ضمن جهود تعزيز الحوكمة الرقمية والإطار القانوني لها.
أشخاص يزورون جناح ((هواوي كلاود)) خلال فعاليات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة في الرياض، السعودية، في 10 سبتمبر 2024. (شينخوا)
بالنسبة للتعاون الرقمي الصيني العربي، فقد بدأ يؤتي ثماره في مجالات التوطين التكنولوجي وبناء القدرات. إذ أعلنت شركة "تينسنت" الصينية خلال أحد المعارض في السعودية عام 2025 عن إنشاء أول مركز بيانات لها في الشرق الأوسط لتقديم خدمات سحابية متطورة، لتسهم بذلك في التحول الرقمي للشركات والمؤسسات الإقليمية. كما تم إطلاق عقدة "هواوي" السحابية العامة في القاهرة، ووضع حجر الأساس لمركز "التنين الصحراوي" للبيانات في السعودية، فيما وقعت شركة هواوي عام 2024 مذكرة تفاهم مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي للتركيز على بناء قدرات الكوادر التقنية المحلية.
من تسهيل الدفع اليومي إلى تصميم الإستراتيجيات الوطنية، لا يقتصر التحول الرقمي على رسم مسار التطور الاقتصادي الإقليمي فحسب بل يفتح آفاقا رحبة للتعاون الرقمي العالمي. وتدفع المشاريع الصينية العربية المشتركة في مجال الرقمنة مسيرة المنطقة تقنيا، وتساعد في الوقت ذاته الشركات الصينية على الانخراط في الأسواق الناشئة. ومع تواشج الابتكار والشراكات الدولية في ظل موجة الاقتصاد الرقمي، يمضي الشرق الأوسط قدما نحو قوة تنموية دائمة، ليكتب فصلا جديدا ضمن قصص الربح المشترك.■